-->

ماذا يحدث لجسمك عندما تشرب الكافيين؟

ماذا يحدث لجسمك عندما تشرب القهوة؟

هل فكرت يومًا لماذا يحتاج الكثير منا لجرعة من الكافيين ليبدأ يومه بنشاط، أو لماذا نشعر بالصداع عند التخلي عنه؟ هل تساءلت عن سبب رغبتنا المتكررة في زيارة الحمام بعد تناوله، ومتى يجب أن نتوقف عن شربه؟ دعنا نستكشف معًا عالم الكافيين ونجيب على كل هذه التساؤلات.

كم كوب قهوة يكفي؟ ☕

توصي الهيئات الصحية بأن الكمية المناسبة من الكافيين للبالغين هي ما يعادل ٤٠٠ ملليجرام في اليوم. وهذا يعني تقريبًا حوالي ٤ فناجين من القهوة العادية. بالطبع، يجب أن نضع في اعتبارنا أن الشاي و المشروبات الغازية وحتى الشوكولاتة تحتوي على الكافيين أيضًا، لذلك يجب حسابها ضمن الكمية اليومية المسموحة.

السيدات في فترة الحمل ينصح بتقليل كمية الكافيين اليومية، بحيث لا تتجاوز ما يعادل كوبين من القهوة المعتادة. أما الأمهات المرضعات، فيمكنهن زيادة الكمية قليلًا لتصل إلى ثلاثة أكواب. بالنسبة للأطفال أقل من ١٢ سنة، يفضل تجنب الكافيين تمامًا، بينما يُنصح المراهقون بعدم تخطي كوب واحد من القهوة يوميًا.

ماذا يحدث لجسمك عندما تشرب الكافيين؟

تشعر بالنشاط والحيوية

السبب الرئيسي وراء شهرة الكافيين هو تأثيره على عمليات كيميائية معينة تحدث في الجسم بعد تناوله بفترة قصيرة. أحد هذه التأثيرات هو قدرة الكافيين على الحد من تأثير الأدينوزين، وهي مادة كيميائية في الدماغ تسبب الشعور بالتعب. ونتيجة لذلك، قد تشعر بمزيد من اليقظة والنشاط، خاصة إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم في الليلة السابقة. لكن هذا التأثير المؤقت لا يدوم طويلاً، حيث يفقد الكافيين تأثيره بعد عدة ليال من النوم السيئ. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في تناول الكافيين يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة نومك بشكل عام (سنتحدث عن ذلك لاحقًا).

يُحفز الكافيين إفراز هرمون الإيبينيفرين، المعروف أيضا بالأدرينالين، وهو هرمون التوتر الذي يُهيئ الجسم لحالة "الكر والفر". يؤدي ذلك إلى زيادة معدل ضربات القلب، وتدفق الدم للعضلات، وإطلاق الجلوكوز في مجرى الدم. كل هذه التغيرات تمنحنا شعورًا مفاجئًا بالطاقة والنشاط. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا التأثير يكون مؤقتًا ويختفي سريعًا.

جسم الإنسان يحتاج إلى الغذاء للحصول على الطاقة، وليس فقط إلى المشروبات المنبهة. لذا، من المهم تناول وجبة فطور مغذية مع مشروبك الصباحي المفضل.

تأثير الشاي والقهوة

قد تجد نفسك تزور الحمام بشكل متكرر بعد تناول الشاي أو القهوة، وذلك لأن هذه المشروبات تحفز الجسم على إخراج السوائل الزائدة. لا تقلق، فهذا لا يعني بالضرورة أنك تعاني من الجفاف، بل على العكس، فإن تناول كميات معتدلة من هذه المشروبات يُحتسب ضمن كمية السوائل التي يحتاجها الجسم يومياً.

وقد يعتقد البعض أن القهوة تساعد على الهضم، ولكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن تأثير القهوة على البكتيريا النافعة في الأمعاء هو السبب في ذلك، وليس بالضرورة الكافيين نفسه.

تأثير الكافيين على المزاج والصحة النفسية

الكافيين مادة لها تأثير على مزاجنا. فعند تناوله، يزيد من تأثير هرمون السعادة في الدماغ، مما يُحسّن المزاج لفترة مؤقتة. وقد أشارت الدراسات إلى أن تناول كميات معتدلة من الكافيين قد يقلل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب. ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول الكافيين قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مسبباً التوتر والعصبية، وقد يزيد من حدة القلق والذعر ومشاكل الصحة النفسية الأخرى لدى بعض الأشخاص.

تأثير الكافيين على الحالات الصحية الأخرى

يُعرف الكافيين بتنشيطه للجهاز العصبي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. ولذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب، مثل اضطراب نبضات القلب، توخي الحذر عند تناول الكافيين.

أما بالنسبة لمرضى السكري، فقد يلاحظون تغيرات في مستوى السكر في الدم بعد تناول الكافيين، حيث يؤثر على حساسية الجسم للأنسولين. ومع ذلك، لا تزال الأبحاث العلمية الحديثة غير حاسمة بشأن هذا التأثير.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل القولون العصبي أو الحموضة، قد يؤدي تناول الكافيين إلى زيادة حدة الأعراض المزعجة.

تأثير الكافيين على الجسم

قد يلاحظ البعض شعورًا بالاعتماد على القهوة، وذلك بسبب زيادة إفراز هرمون الدوبامين بعد تناول الكافيين. هذا الهرمون يرتبط بالشعور بالسعادة والنشاط، ولذلك قد يشعر البعض بالصداع أو التعب عند عدم تناول القهوة في الصباح.
مع أن الاعتماد على الكافيين ليس إدمانًا بالمعنى الطبي، إلا أنه قد يسبب بعض الأعراض الخفيفة عند التوقف عن تناوله، مثل الصداع والتعب. ولكن هذه الأعراض تزول عادةً خلال أيام قليلة.

تأثير الكافيين على التمارين الرياضية

يعتبر الكافيين من المواد التي يمكن أن تحسن الأداء الرياضي بشكل قانوني، وذلك عند تناول كميات محددة منه. ويساعد الكافيين على تعزيز أداء التمارين الهوائية، مثل الجري، واللاهوائية، مثل تمارين القوة، سواءً بالنسبة للرياضيين المحترفين أو الهواة. وتظهر فوائد الكافيين عند تناول جرعة تتراوح بين 3 إلى 6 ملليجرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم (أي ما يعادل كوبًا كبيرًا من القهوة للشخص الذي يزن 68 كيلوجرام)، وذلك قبل التمرين بساعة تقريبًا.

وعلى الرغم من عدم وجود أدلة كافية على أن الكافيين يزيد من معدل الأيض بما يكفي لتعزيز فقدان الوزن، إلا أن دراسة حديثة وجدت أن شرب فنجان من القهوة القوية قبل 30 دقيقة من التمرين الهوائي قد يزيد من حرق الدهون.

تأثير الكافيين على النوم

يعتبر الكافيين من المنبهات التي قد تؤثر سلباً على جودة النوم. فشرب كميات كبيرة منه أو تناوله في وقت قريب من موعد النوم يمكن أن يسبب صعوبة في النوم ويقلل من عدد ساعات الراحة.

ينصح عادة بتجنب الكافيين قبل النوم بحوالي 6 ساعات على الأقل، وذلك لأن الجسم يحتاج لهذه المدة تقريباً للتخلص من تأثيره.
إذا كنت تعاني من مشاكل في النوم، مثل الأرق، فمن الأفضل التقليل من كمية الكافيين التي تتناولها خلال اليوم أو تجنبها تماماً بعد فترة الظهيرة.

الخلاصة

على الرغم من أن الكافيين قد يمنحك شعوراً رائعاً بالنشاط والتركيز، إلا أنه ليس حلاً سحرياً وقد يكون ضاراً إذا تم الإفراط في تناوله. فبينما قد يزيد من اليقظة والطاقة ويحسن المزاج بشكل مؤقت، إلا أنه قد يؤثر سلباً على نومك، وقد يكون غير مناسب للأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة، وقد يزيد من القلق. ومثل العديد من الأطعمة والمشروبات التي نستمتع بها، فإن الاعتدال هو المفتاح للاستفادة من الكافيين دون التعرض لأضراره.